-->

قيام دولة المربطين في الصحراء الغربية وشمال غرب افريقيا

 


تأسست الدولة المرابطية في الصحراء الغربية وموريتانيا خلال القرن الخامس والسادس للهجرة (ما بين 431 هـ - 1040م و541 هـ - 1147م ) على يد الحركة الدعوية الإصلاحية التي قادها الداعية عبد الله بن ياسين مدعوما من بعض زعماء قبائل صنهاجة مع بداية الفتح الإسلامي لشمال غرب افريقيا. 
واصبحت هذه الدولة نموذجا فريدا في منطقة المغرب الإسلامي وصورة مشرقة في التاريخ الاسلامي، لما حققته من نهضة علمية مست مختلف مناحي الحياة وقوة سياسية وعسكرية، واجهت الوثنية والشرك واخرجت الناس من ظلمات الكفر والضلال الى نور الهداية والاسلام، وبسطت الامن والاستقرار في المنطقة وانعشت الحياة الاقتصادية وواجهت مظاهر الصعلكة والفوضى وقطع الطريق. 
مرحلة التأسيس: (431 هـ - 1040م – 451هـ 1060م): انطلاقا من رباط عبد الله بن ياسين، بدأت حركة الدعوة بنشر الدين الاسلامي على المذهب المالكي، والجهاد الذي وحد قبائل صنهاجة لتصبح اكبر قوة بشرية وعسكرية تقود الجهاد وتبسط نفوذها على منطقة شمال وغرب افريقيا وهكذا تحولت جهود االمصلح والامام المجدد عبد الله بن ياسين الدعوية في نشر المذهب المالكي في ربوع الصحراء الغربية وموريتانيا الى حركة سياسية خاضت الجهاد تحت لواء الدولة المرابطية التي دام حكمها حوالي قرن وعشر سنوات. 
جاءت كلمة المرابطين من الرباط ويرابط في سبيل الله بمعني يجاهد وفي الحديث: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا...» صحيح البخاري. 
ولا تزال تطلق كلمة مرابط على مدرس القرآن الكريم في الصحراء الغربية وموريتانيا منشأ دولة المرابطين حتى اليوم. 
يقول المؤرخ أبو عبيد البكري (404 هـ –487 هـ) احد المعاصرين لحركة المرابطين "وهم على السُّنَّة متمسكون بمذهب الإمام مالك بن أنس - رضي الله عنه -. وكان الذي نهج ذلك فيهم ودعا الناس إلى الرباط ودعوة الحق عبدُالله بن ياسين" ويذكر ابن عذارى، في حديثه عن جهاد المرابطين في السنوات الأولى من قيام الحركة، أنه رأى كتابًا قديمًا كان قد بعث به الفقيه عبدالله بن ياسين إلى أهل الجبل الموالي لبلاد لمتونة يدعوهم للدخول في الإسلام وقد كان أولئك القوم مشركين حسب ما ذكره ابن عذارى[1] ويذكر ابن أبي زرع في "الأنيس المطرب"، من أن ابن ياسين خطب في أتْباعه عند أول خروج لهم وبَيَّن أن عليهم أن يبدؤوا بالإنذار والدعوة وإبلاغ الحُجَّة قبل الشروع في الجهاد والدخول في الحرب[2]. وهذا الاسلوب يعكس الحرص على اتباع السنة النبوية في دعوة الكفار والمشركين للاسلام قبل اعلان الجهاد. 
خرج المرابطون من الرباط تحت قيادتين: الأولى تربوية دعوية بقيادة عبد الله بن ياسين، والثانية تنظيمية عسكرية ميدانية بقيادة يحيى بن إبراهيم الذي كان في السابق زعيما للحلف الصنهاجي الذي يضم أكثر من سبعين قبيلة، وكل قبيلة تضم بطونا وأفخاذا، وقد أكسبته التجربة السابقة خبرة ومهارة في الإدارة والتنظيم. 
بعدما استكمل أصحاب عبد الله بن ياسين العدة والعتاد واحكموا سيطرتهم على عدد من الطرق التجارية، كان اول تحرك للهم صوب قبيلة جدالة، حيث اشتبكوا معهم وهزموهم وانقاد من تبقى منهم لدعوة بن ياسين، ثم ساروا إلي قبيلة لمتونة فقاتلوهم وانتصروا عليهم، ودخلوا في طاعة المرابطين، ثم مضوا إلى قبيلة مسوفة فدخلت تحت لوائهم وبايعتهم، وفي ظرف وجيز تمكنوا من إخضاع أقوى قبائل صنهاجة ( جدالة، لمتونة، مسوفة)[3] وكان ذلك في شهر صفر عام 434هـ . 
يقول ابن خلدون: "فخرجوا وقتلوا من استعصي عليهم من قبائل لمتونة وكدالة ومسوفة، حتى أنابوا إلى الحق واستقاموا على الطريقة" 
فلما شهدت باقي قبائل صنهاجة هذه الأحداث بادرت إلى مبايعة عبد الله بن ياسين، وقلدتها كثير من قبائل الصحراء في ذلك، فترك في كل من تلك المناطق أحد من تلامذته يعلمهم القرآن وشرائع الإسلام، واستمر جهاد المرابطون في محاربة الخارجين عليهم إلى أن سيطروا على بلاد الصحراء وجمعوا مال كثيرا من الزكاة والأعشار والأخماس..... يتبع
إعداد : حمة المهدي
ــــــــــــــــــــــــــ
[1] ابن عذارى، ج4، ص12. 
[2] ابن أبي زرع، ج2، ص14. 
[3] نفس المصدر السابق ص: 126

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *