بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أمّا بعد / فلا يخفى على الجميع فضل رمضان ، وتميّز هذا الموسم عن غيره من أيام العام ، فالوقت تتغيّر جدولته ، والنظام في البيت والأماكن العامة مختلفٌ حاله ، بل حتى النفوس ليست هي النفوس التي نعهد... فهو موسم مميّز في كل شيء ، ولكن يبقى التفريط عند الكثير منّا فيه ظاهر ، والتقصير فيه واضح ، وأحببت - هنا - أن أضع بعض طرق المعالجة لهذا التفريط قبل دخول الشهر ، والتي أحسب أنّها إن شاء الله نافعة - وقد جعلتها في سبع نقاط :
أولاً / استشعار أهمية الموسم : وأنت في هذه الأيام استشعر أنّ أمامك موسماً عظيماً ، التفريط فيه حرمان ، وخسارته تعني الخسارة بمعناها الكامل . رمضان موسم المغفرة والعطاء والرحمة والإنابة والتوبة ، وهو الزمان المعظّم ، والوقت النفيس الذي تُضاعف فيه الحسنات . رمضان ميقات العتق من النار ، هل تعلم ما العتق من النار ! إنّه النجاة من أخوف دار ، وأفظع عذاب . رمضان موسم العشر الذي فيه ليلة العبادةُ فيها تعدل عبادة ثلاث وثمانين عاماً... هذا هو رمضان وهذه بعض فضائله فاستحضر فضله وبركته .
ثانياً / اليقين بخسارة من فرّط فيه : تخيّل حال عبدٍ يدعو عليه النبي صلى الله عليه وسلم - وهو الرحمة المهداة - فقد دعا كما في الحديث الصحيح على من لم يغتنم رمضان ، هل استحضرت خطورة التفريط بعد هذا !! الرسول عليه الصلاة والسلام يدعو عليه لأنّه لم يغتنم هذه الفرصة ، وفوّت على نفسه هذا الموسم ، فاحذر أن تشملك هذه الدعوة .
ثالثاً / الإستعداد النفسي لرمضان : لا بد أيها الراغب أن تستعد نفسياً وذهنياً لهذا الموسم العظيم . والاستعداد النفسي له أهميته في اغتنام الموسم ، فعندما يعلم أحدُنا أنّ أمامه موسماً عظيماً مليئاً بالخيرات ، وعظيماً بالبركات فلا شك أنّ نفسه ستتوق له ، وسيفرح بمقدمه ويشتاق فؤادُه له ، فهيء نفسك من الأن له .
رابعاً / التخفيف من الدنوب : وهي قضية في غاية الأهمية لاغتنام الموسم . كثيرٌ منّا يرى من نفسه تقصيراً في رمضان وقد يكون السبب عنه غائباً . أيقن أنّ الإصرار على الذنوب من الأسباب العظيمة للحرمان ، ومع سعة رحمة الله يكون العطاء لأهل الذنوب ، ولكنّ أهل الطهارة أوسع توفيقاً ، وأعظم عطاءً وفضلاً .
خامساً / النية الصادقة : لتكن عندنا نية صادقة في اغتنام الموسم ، وليكن عندنا صدقاً فيها ؛ فالله يحب الطاعات وأهلها ويثيبهم على نيتهم التي فيها مراضيه ، فلنُحسن النية ، ولنصدق العزم حتى إذا بلغنا الموسم ذكرّنا أنفسنا بهذه النية فكانت دافعاً لنا في فعل الخير ، وإن خطفتنا يد المنون وورانا الموتُ الترابَ أُجرِنا عليها . اللهم بلغنا ومن نحب رمضان .
سادساً / البدء في التغيير إلى الأفضل : نعم ابدأ في التغيير من الأن ، وصحّح المسار من هذه الأيام . * حافظ على صلاة الجماعة والسنن . * زد الإتصال بالقرآن وفرّغ له وقتاً هذه الأيام . * كن شحيحاً بالوقت ، ساعٍ للمحافظة عليه لنتدرّب على هذه الصفة قبل دخول الشهر . * الحفاظ على الجوارح ومجاهدة النفس فقد حانت ساعة الجد مع النفس . وفي الجملة فكل ماتراه يحول بينك وبين اغتنام الموسم والفوز برحمة الله تخلّص منه الأن .
سابعاً / اصدق بالطلب : عليك بالدعاء فهو السبيل لكل ماسبق ، والموصل لكل مطلب ، والمحقق لجميع الأماني ، والطريق لكل خير . لنصدق في الدعاء ، ولنجّد في الطلب ، ولنُلحف بالمسألة ، فربنا كريم ، وعطائه واسع ، وفضله لا يُحد . يحب من صدق ، ويُعطي من سأل ، ويزيد بالفضل بما لا يُحد . يارب وفقنا وأعنا وسددنا وبلغنا شهر الخير .
كتبه أخوك المحب لك / عادل بن عبدالعزيز المحلاوي ١٤٣٩/٨/١ هجري .
|