
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ : (كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلُّ يَومٍ تَطْلُعُ فِيْهِ الشَّمْسُ: تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِيْنُ الرَّجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُ لَهُ عَلَيْهَا أَو تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَبِكُلِّ خُطْوَةٍ تَمْشِيْهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيْطُ الأَذى عَنِ الطَّرِيْقِ صَدَقَةٌ) رواه البخاري ومسلم.
السلامى هي المفاصل، وقيل:العظام، والمعنى واحد لا يختلف، لأن كل عظم مفصول عن الآخر بفاصل فإنه يختلف عنه في الشكل، وفي القوة، وفي كل الأمور وهذا من تمام قدرة الله عزّ وجل . وجاء في صحيح مسلم أن السلامى ثلاثمائة وستون مفصلاً، هكذا جاء في الحديث، والطب الحديث يوافق هذا - سبحان الله - مما يدل على أن رسالة النبي ﷺ حق. وقوله: (كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ) والمعنى: كل مفصل عليه صدقة. وقوله: (كُلُّ يَومٍ تَطْلُعُ فِيْهِ الشَّمسُ) يعني كل يوم يصبح على كل عضو من أعضائنا صدقة، أي ثلاثمائة وستون في اليوم، فيكون في الأسبوع ألفين وخمسمائة وعشرين. لكن من نعمة الله أن هذه الصدقة عامة في كل القربات ، فكل القربات صدقات، وهذا شيء ليس بصعب على الإنسان . ثم قال: (تَعْدِلُ بَينَ اثنَيْنِ صَدَقَة) تعدل أي تفصل بينهما إما بصلح وإما بحكم، والأولى العدل بالصلح إذا أمكن ما لم يتبين للرجل أن الحكم لأحدهما، فإن تبين أن الحكم لأحدهما حرم الصلح، وهذا قد يفعله بعض القضاة، يحاول أن يصلح مع علمه أن الحق مع المدعي أو المدعى عليه، وهذا محرم لأنه بالإصلاح لابد أن يتنازل كل واحد عما ادعاه فيحال بينه وبين حقه. قوله: (وَتُعِيْنُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ) أي بعيره مثلاً "تَحْمِلُهُ عَلَيْهَا" إذا كان لايستطيع أن يركب تحمله أنت وتضعه على الرحل هذا صدقة "أَو تَحْمِلُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ" متاعه ما يتمتع به في السفر من طعام وشراب وغيرهما، تحمله على البعير وتربطه، هذا صدقة. قوله: (وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ) أي كلمة طيبة سواء طيبة في حق الله كالتسبيح والتكبير والتهليل، أو في حق الناس كحسن الخلق صدقة. قوله: (وَبِكُلِّ خُطوَةٍ تَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَة) سواء بعدت المسافة أم قصرت، وإذا كان قد تطهر في بيته وخرج إلى الصلاة لايخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفع الله له بها درجة، وحطّ عنه بها خطيئة. فيكتسب شيئين: رفع الدرجة، وحطّ الخطيئة. قوله: (وَتُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيْقِ صَدَقَةٌ) أي تزيل الأذى وهو ما يؤذي المارة من حجر أو زجاج أو قاذورات فأي شيء يؤذي المارين إذا أميط عن طريقهم فإنه صدقة.